الخميس، 20 فبراير 2020

بقلم الكاتب المبدع ريزان حبش //

مررتُ بجانبِ القهوة فاكتفيتُ بالنظر
والنظرُ كان قصيرَ المدى
أحسستُ بشظايا تقسمُ رأسي
إلى بابين ،
بابٌ ينتظر
وبابٌ يرحل
ثلاثُ ثوانٍ كانت كفيلةً برفع الأرض إلى السماء
ثلاثُ ثوانٍ ولم أتأخر عليه
خوفاً من الحظ
نسيتُ اليوم أن الطبيب منعني من الحب و العشق و السكون و الإطمئنان على أحد هناك
منعهم عني بحجة أنني أفرطُ باستعمالهم
وكتب لي علاجاً واحداً هو النسيان
قلتُ له :
كيف أنسى
وأنا الفاعل والمفعول و الخبر المجهول في الزمان
قال لي : حرٌ أنت إذاً تحمل الألم الآن
هناك بين الكراسي عجوزٌ في السبعين نسيت الكلام
وطفلٌ يطلبُ الكلام
دوري أنا التاسعُ أو الثامن والثلاثون
جلستُ وجلستْ
انتظر الحظ
انتظر القدر
خلفَ الباب أجوبةً كثيرة
وسؤالٌ واحدٌ للجميع؟؟
قالت لي :
هل ذهبتَ لطبيب العيون ؟
فقلت : لا... ماحاجتي بطبيب العيون
فجمالك فتَّانٌ وآخَّاذ و تراهُ كل العيون
أعطيتها ورقةً بيضاء عليها علامتان
ال+ و ال_  السالب و الموجب
والنتيجة
مجهولة لا بل مختبئة خلف الباب
كأن سيفاً حامياً قطعوا به فحولة الطفل وعمدوهُ في الماء
والسيف بعد الدم في الماء كأنه يحرق قلبي  قبل سنتين
غاب عني كل شيء
كأنه صوت ماكينه الخياطة لأمي هناك قبل الحرب
تأخذني الطرق كأنني لوحة تدل على المدينة المدمرة
على ملعب الحديقة
على بستان الورد
تدل على سطح البيت
تدلني على كتابها
على بيتنا
و دكان عفيف وشجرة التين وقبور الشهداء
تدلني لتحية العلم
لقلم الرصاص المكسور
لعروسة الزعتر
لعرس جارنا المسيحي
رائحةالعرق المتلت
تملئ المكان كأنه اليانسون والريحان
لصوت الهواء في الطريق
لبدلتي العسكرية
لقميص أبي البني وشاربه المقصوص
لكل شيء
لحجر أخي
لغرق النهر فيا
لصوت أبي وكأنه غريب
لموت أمي آلاف المرات
لكل الأصوات التي تشدني نحو الأسفل
وأنا عند الباب لم يحن دوري بعد
خرج آخر من كان قبلي
وقال: ادخل حان دورك
ابتلعتُ ريقي خوفاً من الحظ و دخلت!
أهلا وسهلا ما اسمك ؟
قلت اسمي
ماشكواك ؟
قلت شكوتي
وجلست انتظر
بعيدة بعيدة هي المسافة بيننا
والكلام صمت
نظر الي وسكت
وقال لي :
عش حياتك و أحِب قدر المستطاع و ألتقي بمن تحب قدر ماتشاء
واعطي كل مالديك للمحبين
وابقى أطول وقتٍ معهم
وحاول أن تتركهم بصمتٍ عندما تعرف أنه حان وقت الرحيل
لا تخف عندك وقت كافٍ للحب
وللحياة
ولكن الحظَ ليس معك
علاجك اليوم الحظ والدعاء
فمن يدري متى القدر يشاء
ودع من تحب بصمت
دونَ بكاء
دونَ علمٍ أو رجاء
ودعهم وأنت مبتسم قدر ماتشاء
رتِّب مواعيدك
وارحلْ
خرجت والأرض تطبِقُ على السماء
وصدري بينهما
على جبيني زخةُ مطر
وغيمةٌ سوداء
لا أعرف كيف أبكي فقد نسيَني البكاء
لملمتُ نفسي
ومررتُ بجانب القهوة و اكتفيتُ بالنظر
لكل شيءٍ جميلٍ خلفي
وكأنني بعدهم بآلاف السنوات
وكتمت الخبر في صدري
خائفاً من الحظ والوداع
ورددتُ بيني وبين نفسي آية صغيرة تحميني من حظ التعساء
وضعت رأسي بعيدا عني و سافرت
في حضنها كل المساء
وفي الصباح
كأن شيء لم يكن
وكأني فراشة هربت كنجمة في السماء
وكأنني لم أبح لكم بسرِّ الشفاء

Rezan Ali Habash
Rezan Ali Habash

هناك تعليق واحد:

مناجاة 🖊 حمزه راضي الفريجي

مناجاة في التيه المترامي ،،، في عينيك السوداوين ،،، الضوء يتباعد !! ينفذحافيا وعاريا !! إلا ما رحم ربي ،،، أناجي الأمل المعقود في هامتي أمسد...