ليلِ الحديقةْ
محمد المهدي عبدالوهاب (شاعر سوداني )
غريباً كنتُ في ليلِ الحديقةْ:
الحارسُ القديمُ نامَ
الوردُ قائم عليه والندى
ولا أرى سوى ظلال ضوءٍ خافتٍ يموتْ....
وكانت الأشجارُ تستريحْ
(الصمتُ في فروعها تلفّح الظلامْ
وفي أسافلِ الجذوعِ..
حرفانِ
غائرانِ
لعاشِقَينِ
مُبْهَمَينِ)
وحيداً سِرتُ والأطيافَ
وكلّ شيء آخذٌ في الاحتجابْ
صارتْ الأعشابُ كالحُرّاسِ
والأشجارُ كالحرابْ
رقصَ النهرُ قليلا ثم غابا
وحديدُ الجسرِ ناداني،
فذابا
وتبعدُ الديار..
تنتهي لشارع يمتد مثل الذاكرة
كم عليه يا رفيقتي سِرنا
وغافلنا الزمن
كان يكسونا جمالاً مرعباً
ما هلكنا فيه.. لكن
انْذَروْنَا كالرماد
لماذا كلُّ شيء بارعٍ يموت؟
ولماذا حبُّك الصمتَ
وتعلمينَ الوقتَ دائما يفوتْ
(لا تبقى منه غيرُ زفرةٍ على الطريقِ
وغَبَرةٍ على البيوتْ)
لماذا يا نشيدَ القلبِ
ترسمُ السماءُ كلّ ليلٍ وجهَكِ البهيّ
وفيه شهوةُ الإفصاحِ،
رنّةُ الإنشادِ،
أنّةُ الضحايا
(وتفتح الرياح بابها المجنونَ
بالعصفِ والإعصارِ والرمادْ
فيسهرُ الرجالُ حتى الفجرِ
وتكسرُ النساءُ آخر المرايا؟)
لماذا؟
إنّ صوتاً في الورى يقومْ
يشقّ أرض الحربِ
ينزوي في ضجّة المدنْ
(قتل السلطان أوّل "القرامطة"
أحرق الجنودُ آخر السّفنْ)
لكنّها أبديّةُ مفازةُ الأملْ
خالدٌ جهدُ الجمال عَ "الأزاهرْ"
ومُترعٌ على الدوام جوهرُ السحابْ
.. وبين كلّ وردٍ ساقطٍ أو ذابلْ
تدقّ طبلَها البلابلْ
وفجأةً – كما البروقِ
- أو نجمٍ فارق المدارْ-
أطلّ وجهُكِ النهارْ
كرعدٍ هزّ في الجدارْ
وكالندى
تسلق الأسوارْ
وكالساحر القديرٍ
أضاء روحيَ المعذّبةْ
في لحظة أعددتُ كلّ شيء:
النادلُ الطيورُ
الورودُ المائدةْ
العُشبُ كان المَرْتبةْ
والعطرُ في التقاءِ الطينِ والرذاذْ
برغبتي التي تمتدُ مثل البحرِ..
من نحري إلى نهديْكِ
ومن بصري.. إلى أفُقٍ بلا ألوانْ
فخذيني وذريني أعرفُ السرَّ
وأحزان الطبيعة
وأنقذيني طفلتي بالموت والإشراقِِ
في المدن الصريعة:
ها نحنُ الوثوبُ والنضارةْ
الوطنُ الحرُّ.
الجسارةُ الوطيدةْ.
العاشقةُ القُرمزيّةُ،
العاشقُ القرمُزيُ.
والمطرُ الذي يسحّ
من مفاصل القصيدةْ
خذيني
وعند الفجرِ نسألُ عن دروبِ العلمِ
والشعراءِِ
والمدنِ التي تلِدُ الحمامْ.
(أبوظبي 1978 )
محمد المهدي عبدالوهاب (شاعر سوداني )
غريباً كنتُ في ليلِ الحديقةْ:
الحارسُ القديمُ نامَ
الوردُ قائم عليه والندى
ولا أرى سوى ظلال ضوءٍ خافتٍ يموتْ....
وكانت الأشجارُ تستريحْ
(الصمتُ في فروعها تلفّح الظلامْ
وفي أسافلِ الجذوعِ..
حرفانِ
غائرانِ
لعاشِقَينِ
مُبْهَمَينِ)
وحيداً سِرتُ والأطيافَ
وكلّ شيء آخذٌ في الاحتجابْ
صارتْ الأعشابُ كالحُرّاسِ
والأشجارُ كالحرابْ
رقصَ النهرُ قليلا ثم غابا
وحديدُ الجسرِ ناداني،
فذابا
وتبعدُ الديار..
تنتهي لشارع يمتد مثل الذاكرة
كم عليه يا رفيقتي سِرنا
وغافلنا الزمن
كان يكسونا جمالاً مرعباً
ما هلكنا فيه.. لكن
انْذَروْنَا كالرماد
لماذا كلُّ شيء بارعٍ يموت؟
ولماذا حبُّك الصمتَ
وتعلمينَ الوقتَ دائما يفوتْ
(لا تبقى منه غيرُ زفرةٍ على الطريقِ
وغَبَرةٍ على البيوتْ)
لماذا يا نشيدَ القلبِ
ترسمُ السماءُ كلّ ليلٍ وجهَكِ البهيّ
وفيه شهوةُ الإفصاحِ،
رنّةُ الإنشادِ،
أنّةُ الضحايا
(وتفتح الرياح بابها المجنونَ
بالعصفِ والإعصارِ والرمادْ
فيسهرُ الرجالُ حتى الفجرِ
وتكسرُ النساءُ آخر المرايا؟)
لماذا؟
إنّ صوتاً في الورى يقومْ
يشقّ أرض الحربِ
ينزوي في ضجّة المدنْ
(قتل السلطان أوّل "القرامطة"
أحرق الجنودُ آخر السّفنْ)
لكنّها أبديّةُ مفازةُ الأملْ
خالدٌ جهدُ الجمال عَ "الأزاهرْ"
ومُترعٌ على الدوام جوهرُ السحابْ
.. وبين كلّ وردٍ ساقطٍ أو ذابلْ
تدقّ طبلَها البلابلْ
وفجأةً – كما البروقِ
- أو نجمٍ فارق المدارْ-
أطلّ وجهُكِ النهارْ
كرعدٍ هزّ في الجدارْ
وكالندى
تسلق الأسوارْ
وكالساحر القديرٍ
أضاء روحيَ المعذّبةْ
في لحظة أعددتُ كلّ شيء:
النادلُ الطيورُ
الورودُ المائدةْ
العُشبُ كان المَرْتبةْ
والعطرُ في التقاءِ الطينِ والرذاذْ
برغبتي التي تمتدُ مثل البحرِ..
من نحري إلى نهديْكِ
ومن بصري.. إلى أفُقٍ بلا ألوانْ
فخذيني وذريني أعرفُ السرَّ
وأحزان الطبيعة
وأنقذيني طفلتي بالموت والإشراقِِ
في المدن الصريعة:
ها نحنُ الوثوبُ والنضارةْ
الوطنُ الحرُّ.
الجسارةُ الوطيدةْ.
العاشقةُ القُرمزيّةُ،
العاشقُ القرمُزيُ.
والمطرُ الذي يسحّ
من مفاصل القصيدةْ
خذيني
وعند الفجرِ نسألُ عن دروبِ العلمِ
والشعراءِِ
والمدنِ التي تلِدُ الحمامْ.
(أبوظبي 1978 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق