السبت، 20 يونيو 2020

المارد ..

المارد
بين الكتب أهذي
 ساعات الليل التي رشقتني  بومضات من روح قارئ نهم وضعتني  بين شخصيات مختلفة وأفكار متنوعة متضاربة تناقلتني بينها وأنا  غارق بين السطور ذاك يأخذني إلى عالم الحب والعشق، وتلك تهمس لي عن وجع الفراق، وهذا من حن قلبه لموطنه فتجرعت معه ألم اللجوء والاغتراب....
عجيب غريب عالم الأدباء والأغرب منه ما نالني من فيض المشاعر المتناقضة...
سمعت أحدهم يقول :
"ارتفَاع الوَعي يَزيد الآلام ، وأغلَب المُصَابين بالإكتِئاب النَّفسي مِن المثقَّفين ..."
 فهل الذين لم يحترفوا الأدب والعلم سلموا من حمى التفكير، وهل الثقافة هي الفاصل هنا؟  ولماذا كان والدي دائم القلق  باحثا في كل صغيرة وكبيرة... ولم كان يذهب بعيدا في دقائق الامور.... اذكر أنني استيقظت مرة وكان السهر قد أكل منه وشرب حتى ذبلت عيناه ، وكان مجهدا صحيا وفكريا ومتعبا، ولم تكن تؤنسه إلا وحدته! ... سألته.... ما بك يا أبي؟ فنظر إلي بعينين مبرقتين وقال : "يوما ما سأوقظ حلمي من رقدته وأمضي إليه...! ".. اتذكره جيدا وهو  الأمي الذي لم ينهل من بحر العلم لكنه ارتوى من نهر  الحياة .
أراد  لنا مستقبلا افضل فظل يقلب الفكرة تلو الفكرة لننشأ نشأة كما يحب ويرضى كان يعرفنا على أجمل ما فينا... ظل يردد... "لا تنكسر حتى ولو كسروك... اكسر كسورك وانتصر !... من أين جاء بكل هذا الفيض من الفكر الجميل وتلك القصص الرائعة التي كان يرويها لنا بطريقة تجعلنا نتلهف لسماعه كل ليلة ولا نملها حتى لو كررها الف مرة فقد كان يقلبها على آذاننا بأسلوب شائق.
فخورة أنا به  ولا زلت أدعو تلك اللحظات والليالي لتسلم علي بحروفه وعينيه المبرقتين...
وأذكر أنه حكى لنا يوما عن المارد والمصباح وترك لنا الحرية بأن نختار أمنية امتلأت بها صدورنا من ذلك المارد العظيم، كانت أحلامنا متواضعة جدا وبسيطة كبساطة ذاك الزمن ولكن الفقر كان يتركنا نقف عاجزين أمام تحقيقها .  اخي الكبير تمنى ان يحضر له  المارد بندقية فلقد سمعنا كثيرا من أبي عن بلادنا المحتلة وكثيرا ما استمتعنا بسماع أغنية أصبح عندي الان بندقية  وأرادها أخي ليدافع ويقتل ذلك المحتل اللعين . واختي تمنت أن يحضر  لها المارد دمية ترتدي فستانا ملونا بألوان الربيع.... وعندما حان دوري تمنيت عليه أن يحضر لأبي معطفا يقيه هذا البرد القارس فاغرورقت  عينا أبي بالدموع ،بكى بكاء مليئا بالحب والحنان،وسمعت نشيجه من بين حروفه وهو  يحتضنني ويقول الله يرضى عنك... وأراد ان نعيد اللعبة كي اطلب أمنية تخصني انا... لكنني عاودت وتمنيتها . طلبنا أمنياتنا وغفونا على حلم..... في الصباح استيقظنا... فإذا بأمنيات اخوتي تتحقق وأما أنا حزنت كثيرا لان المارد  تركني ولم يحقق أمنيتي... قال لي والدي لا تحزني.... يبدو أنه ليس بتلك القوة التي يدعيها....لذلك يجب علينا أن نكون أقوياء لنحقق أمنياتنا بأيدينا....
من قال إن الثقافة هي قراءة الكتب وكتابة الصور التعبيرية؟!
يا أبي "كلما أستبد بي العطش شربت من ظمئك فازددت عطشا لهذا الظمأ... وما الحياة إلا ارتواء وظمأ وما بينهما ذكريات "
أبي هو الثقافة وهو الأدب والقصص وهو كنزي...
#سهيرالرمحي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مناجاة 🖊 حمزه راضي الفريجي

مناجاة في التيه المترامي ،،، في عينيك السوداوين ،،، الضوء يتباعد !! ينفذحافيا وعاريا !! إلا ما رحم ربي ،،، أناجي الأمل المعقود في هامتي أمسد...