الأربعاء، 13 مايو 2020

بقلم الكاتبة المبدعة // سهير الرمحي //

يوميات محجورة

الغازي
بات السهر حتى الفجر عادتي، وكما تعلمون فإن ليل المحجورين طويل وحدي وقد ناموا جميعهم وبقيت أنا و كتابي الذي أثار عنوانه فضولي
كنت انتظر وقت السحور على رصيف الكلمات في قصص كليلة ودمنة التي وضعتها ابنتي على الطاولة وحرصت أن تدثرها بدثار الغبطة قبل أن تضعها برقة ولطف هناك.
 شدتني القصة الأولى لقراءتها ، أعادت لي شغفي الطفولي للقراءة ولهفة طفلة صغيرة لحكايات ما قبل النوم .
وفي غمرة قراءتي وانسجامي انكسرت لحظات الصفاء فجأة ، واستنفرت حواسي كلها ، وهاجت أصوات الغضب بين أنفاسي
- هناك هناك
- نعم ، أنا واثقة مما رأيت ، لمحت ذاك الكائن يتمختر بكل ثقة في تلك الزاوية....
 أنا من محبي الحيوانات لكن هذا هو الكائن الوحيد الذي لم يستطع أن يقنعني يوما بصداقته أو باحترامه ، فما إن أراه حتى أتحول من كائن أنثوي رقيق إلى وحش كاسر يريد أن ينقض على فريسته.
 وضعت يدي على قلبي وقررت أن أبدأ الحرب وحدي ، إنها حربي الآن . تسللت بهدوء على أطراف أصابعي ، ومشيت كاتمة أنفاسي ، متسلحة بالأحذية كلها التي وجدتها في طريقي، تذكرت شيئا في الجامعة قالوا لي: العمل بلا تخطيط لا ينجح أبدا
نعم خطتك واضحة وسهلة التنفيذ ، اهجمي حين ترينه لا خطوات من قبل ولا من بعد ، هذه خطتك ، وتذكري أن الحرب خدعة ،فلتكن الضربة الأولى قاسية وقاتلة.
وجدتك ،إنه أنت ؟
نظرت إليه بقسوة لكنه بادرني بنظرة فيها انكسار
لن أرحمه
 أشرت بيدي بعلامة التهديد والوعيد فهز شاربه هزات مستعطفة مسترحمة  ، ونظر بعيون حزينة متوسلة مليئة بالضعف،وبشاربين منكسرين  فتسلل إلى داخلي شعور بالرحمة وبأنه يبكي حظه ،  هل ذلك  بسبب الكره الذي يراه ويلاحقه في كل مكان يلجأ اليه أم لأن حظه قاده إلى حتفه في منزلي ؟
وتلمست رغبته بفهم سبب ما هو فيه ، ومعرفة سبب هذه الكره العميق له ، بل شعرت بحاجته لأن يربت أحد على قلبه ، وبأنه يقول أنا أستحق الحياة ، وأستحق التقدير  .
حافظت على مسافة الأمان  بيني وبينه وقررت  إعطائه هذه الفرصة
لم أفكر يوما أننا سنلتقي ولا أن تجمعنا نظرات متبادلة وحديث لم أفكر أبدا بداياته ولا نهاياته ، ولم أرتب له، فمن أين أتتني هذه القوة العجيبة ، وهل أنا حقا في زمن المعجزات؟يبدو أني من الحجر صرت أقوى وأكثر شجاعة ، أو لعلني صرت أكثر استهتارا بالموت  بعد مواجهات كثيرة مع خوفي منه...
- سأعقد معك اتفاقا إن وافقت على شروطي ومطالبي سأضمن لك حياتك وسلامتك ورحيلك عن   منزلي بسلام ، تدلني أنت إلى المكان الذي دخلت منه ، وإلى مكان بقية رفاقك؟ وتحكي لي قليلا  عن خططك وأهدافك وأحلامك، وتطلعني على بعض أسراركم ومخابئكم؟
لكن بدا أكثر انحناء هذه المرة فقد طأطأ رأسه وأزاحه عني بحسرة فيها كثير من الرفض، فوضعت أمامه علبة المبيد ليرى صورة صديقه الذي انقطعت به السبل وألقى به المبيد على ظهره.
أنعم الغازي بالعلبة وتفحصها جيدا نظر لرفيقه كأنه عرفه ، ثم هز شاربه هزتين، ففهمت أنها إشارة الموافقة، فوضعت علبة المبيد جانبا، وأشرت له أن الاتفاق قد بدأ تنفيذه .
مشى خطوات ثقيلة فوق بلاط غرفتي فتبعته ثم دخل المطبخ في أركان الغرفة، ثم عاد إلى المطبخ وظل يمشي حتى وصلنا إلى مكان تصريف المياه .
- مممم، إذن هذا هو مكان التجمع، وهنا تحوكون خططكم للهجوم علينا؟
 هز لي شاربه هزات فيها شغف وحياة، ودار دورتين حول المكان،فأشرت بأصابعي محذرا من أي خيانة  فهز شاربه موافقا
انحنيت بحذر لأنزع الغطاء ، استغرقني ذلك وقتا أكثر مما كنت أتصور ، بدأ الغازي بالركض والدوران السريع حول نفسه  فركضت إلى علبة المبيد ، لكن هذا الغازي الذي ملأ المكان قفزا ودورانا وألعابا بهلوانية اختفى من أمام عيني ، وبقي صريره يلاحق حواسي كلها ويستفزها .

- أينك؟  ألم تعاهدني ،ألم نتفق؟
#سهيرالرمحي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مناجاة 🖊 حمزه راضي الفريجي

مناجاة في التيه المترامي ،،، في عينيك السوداوين ،،، الضوء يتباعد !! ينفذحافيا وعاريا !! إلا ما رحم ربي ،،، أناجي الأمل المعقود في هامتي أمسد...