الاثنين، 9 ديسمبر 2019

بقلم الكتب // ريزان علي حباش //

ثلاث جمرات

لو أنني حجرٌ يغفوا على صدر الأرض
لو أنني شجرةٌ تُسدلِ أطرافها على الهواء
لو أنني خمرة الحب تُسكر العشاق
لو أنني جذعُ شجرة تجرح كل مرة لتكتب عاشقين جديدين على وجعها
لو أنني ساعةُ بيدِ الإنتظار وانظر حولي متلهفاً للمجيئ
لو أنني غطاء على وجه صبية عابرة
أما هناك ..
أمامي بفرسخين عجوزٌ بعمرِ العصر
تكتبني بعيونها و تتذكرُ أبناً لها
على الطرفِ الآخر من الرصيف
بائعُ حظ يجمعُ كل الآلهة القديمة في كيسٍ صغير و يبيعها للتُعساء
أما آن الأوانُ لي أن أسقطَ كسمكةٍ في منجلِ سنارة لأحتَضر في صطلِ ماءٍ أمام المارة
في البهو الكبير للسطح ثلاثُ جمراتٍ تحترق لتُسعد قشور التفاح على شفاه صبيةٍ عروس
أما أنا
أستيقظ باكرا جدا قبل الحمامات و ارتدي شيءً ما يسترني من برد الصباح
والملم شَعري المتناثر من على الوسادة
واقبِّل خدودَ الومى النائمة و امَّهم المتعبه
فأتَجهُ للمطبخ وامسكُ برتقالةً تعيسه وليمونتان صفرواتان كوجهي في المساء
ورمانةً أتعبتها عيونُ الفلاح الحزين
وتفاحةً حمراء بلون الدم البارد فيّا
فاخلطهم في ماكينةٍ لا تعرف الرحمة
فأصنع لي عصيرا من دموعهم
على الطرفِ الآخر ثلاثُ جمراتٍ على النار تنتظرُ صدري لأستنشقها مع العسل
لألعب بعداد عمري القصير أصلاً
بينما أحتسي الدموع مع العسل المحروق بالجمر
هناك في الرصيف المجاور حيث لا أراه ويراني
عجوزٌ يجرُ كلبه الوحيد
وسيارة إسعاف تزفُ الحياة للموتى
أما أنا الآن فلا ابن لي أبكي عليه
ولا كلب لي أجره خلفي في آخر العمر
ولا سطح لأفكاري الملتوية على الخيال
أضع يدي في جيبي الدافئ الوحيد
أحمل جسدي الثقيل بآلاف الأقدام التي جرت خلفها الخيبات المؤقته
آلاف الأقدام الصغيرة الحالمة بعيون أجمل
ألاحقُ الحمام على الأرض ولم أدرك أن الحرية لها جناحان تطير وقتما تشاء و تحط وقتما تشاء
ألملمُ أفكاري فأخبئها في دفتري الألكتروني الجاف
تغيبُ وتغيب حتى أعتقدت أنها ماتت وأنا حيُّ للعذاب والإنتظار
تعانقني كل صباح كحلم وتتركني عند السابعة
هناك في الحلم قبل الرحيل
كنت أطير ...
حمامة تبحث عنمن تغني لها
غرابٌ يجمع فتات الخبز لتسرقه العصافير
أطير كرداء على حبل غسيل لم ينشف
كغيمة في صحراء
أطير كأمنيات لأسقط في حضرة الحظ اللعين
أطير و أطير خائفا من السقوط حتى أنني مارفعت رأسي من على الوسادة
فسقطت وسقط كل شيء
وسقط حلمي المؤقت و حبي المؤقت
أحدث نفسي على الرصيف
ما أنا لو أنني أنا
ما أنا لو أن ثلاث جمرات حرقت جسدي الثقيل
ونثرته رمادا
ما أنا لو أنني لم أمر هناك يوما و لم تكن تلك صرختي الأولى
صرختي الأولى في ظهيرة يوم صيفي حار في تموز
ما أنا لو أن الحظ أخطئني
وبقيت روحا لم تسقط في جسد
ما أنا لو أن الممرضة قالت لأمي أنها بنت كالقمر وجهها كالنور في الصباح
و وجه جدي رمادي اللون
ما أنا لو أنني روح في قطة
لو أنني هواء في صدر أمي
بينما النوم يأخذني آلاف الأميال عن المكان والزمان
فجأةٍ أرتطم بالرصيف فتسقط كل أحلامي
و ارجع في الأربعين فاقداً للأمل
و واهبا للحياة من هم بعدي
أسقط على وجهي
فينتشلني غريب
ويقول لي
سلامتك صديقي
حمداًلله على سلامتك
Rezan Ali Habash

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مناجاة 🖊 حمزه راضي الفريجي

مناجاة في التيه المترامي ،،، في عينيك السوداوين ،،، الضوء يتباعد !! ينفذحافيا وعاريا !! إلا ما رحم ربي ،،، أناجي الأمل المعقود في هامتي أمسد...