الثلاثاء، 14 يوليو 2020

صدفة...بقلم الكاتبة / سهيرالرمحي/

صدفة...
في مثل هذا  اليوم من عام ماطر التقيته وكأنه ذلك اللقاء المؤجل الذي تمنيته كثيرا كان لقائي معه...
 هاتفي الذي أهداني اياه والدي  هدية  تخرجي في الجامعة  سرق  مني والصوت الدافئ الذي كان يشق السكون كل مساء ليقول لي مساؤك سكر. لن يستطيع الوصول إلي هذا المساء ..
 كم أشعر بأسى عميق هذا الصباح،   بكيت بشدة وبقوة وبحسرة حتى فاضت دموعي بغزارة كغيمة حطت على أرض جرداء  ... ذهبت  الى قسم الشرطة لتقديم  شكوى
في القسم. قالوا لي اذهبي لعند المقدم ماجد فهو رجل ذكي ولماح ومتعاون   .. دخلت  مكتبه... أين رأيته من قبل!؟؟
"هناك أشخاص نحك جبيننا لنتذكر أين رأيناهم؟ وقد لا نكون التقيناهم من قبل، لعلهم  كانوا فينا!"
شاب في مقتبل العمر... وعريض المنكبين له عينان واسعتان تكشغان عن هويته سريعا .... شعر اسود ناعم وكثيف.... له حاجبان كأنهما كلمتان لا يكتبان ولا ينطقان... يتقاربان ويتباعدان....... ألقى علي التحية لكني كنت منفعلة فلم ارد عليه التحية بأحسن منها... ثم
قام من خلف طاولته و أمر بإحضار  كوب ماء وطلب مني أن اشرب  و أن أهدأ... أشار إلي أن أروي له ما حدث معي ثم  اخد رقم هاتفي وعنوان  بيتنا ليستطيع التواصل معي اذا حدث اي تطور بقضية السرقة ... في اليوم التالي هاتفني ليأخذ مني بعض المعلومات التي وصفها بأنها مهمة... ولكني شعرت بأنه أراد التحدث بأمور أخرى الا أنني قطعت عليه المكالمة... وحاولت انهاءها سريعا....
بعد ساعة تقريبا عاود الاتصال
_اتصلت بك بالخطأ معذرة....
"لا بأس من اتصال آخر بالخطأ... وسأرد أنا بالخطأ أيضا"
وبدأت بالتفكير... ""‏أسوأ ابتلاء هو "ابتلاء التفكير"، أن تكون شخصا تحليليا بشكل مُفرط، مدمن بالتفاصيل وتسأل نفسك في كل موقف ألف سؤال، عقلك مُرهَق وتزيده بالتفكير."
بدأت تستهويني فكرة اتصاله بل وبدأت انتظر مكالمته اليومية بفارغ الصبر... كل يوم كان يتصل بي بالخطأ وكنت ارد عليه بالخطأ أيضا...
" ‏أؤمن ان حتى الصدفة.. لا تأتي بالصدفه ..انها موعد كوني لم نشارك بتنسيقه"
بعد أسبوعين  وبعد أن أصبحت مكالمته الصباحية زادي وزوادتي، رن هاتفي...
   طلبوا مني الذهاب  لقسم الشرطة .. ذهبت  فوجدته بانتظاري بابتسامته العريضة واقفا على باب المركز
 ناداني....همس بإسمي...ليلى " ومن الهمسات ما يثير القشعريرة بالقلب" تفضلي لو سمحت... ثم مد يده وناولني هاتفي  وتلامست أيدينا وكأننا نسمع نبض قلوبنا من خلالهما... نظر الي وقال : أتدرين؟ أول مرة رأيتك فيها شعرت كأني أراني للمرة الأولى!.... كم تشبهيني! كان صوت نبضات قلبي أقوى من صوت المطر الذي كان يتكتك على نافذة المكان كشاهد على ولادة حب .. غادرت المكان كسحابة من عطر...  أصابتني رعشة ومضيت امشي تحت المطر بفرح طفولي.... ثم تذكرت.... وحدثت نفسي : كيف استطاع استعادة هاتفي بهذه السرعة... لقد نسيت أن أسأله.... أخبرتني بعض صديقاتي انه يحتاج  لفترة طويلة من الزمن.... لا يهمني فما حدث بيننا كان أكبر وأهم..
 حين وصلت للمنزل كانت والدتي بانتظاري  قالت  لي ان أناسا أصروا على زيارتنا اليوم كمشروع  خطبة .. كنت فرحة جدا بلقائه ونظراته حتى  اني لم انتبه على حديث والدتي وأشرت لها بالموافقة
طبعا عندما جاء المساء صدمت بما كررته  والدتي  على مسامعي ولكني كنت مجبرة على استقبال ضيوفنا حتى لا أتسبب بأي احراج لعائلتي
دق الجرس... فتح والدي الباب... سمعت صوتا أعرفه جيدا... ليس غريبا ابدا... إنه هو نعم المقدم ماجد ووالداه واخته ...
كما يهمس القمر بالضوء ..
"مساء الورد" يهمسُ بالعطر .. هكذا كان صوته
شعرت بسعادة غامرة... ومن ذا الذي يفضح ما بقلبي غير عيناي؟
ما إن سمعت والده يحدث ابي عن مشروع خطبتنا حتى كدت أطير من الفرحة...
"وتشاءُ أنت من الأماني نجمةً.. ويشاء ربّكَ أن يناولك القمرْ ...!!
بين خوف ورجاء وتمنع ورغبة... تمت الخطوبة
و ما أن أمسك اصبعي ليضع  محبس محفور عليه اول حرف من اسمي و اسمه.... أمسكت بيده بشدة حتى استيقظت على صراخ اختي متألمة ومندهشة... وتركت الحلم الذي كان يزاحمني في فراشيي .
#سهيرالرمحي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مناجاة 🖊 حمزه راضي الفريجي

مناجاة في التيه المترامي ،،، في عينيك السوداوين ،،، الضوء يتباعد !! ينفذحافيا وعاريا !! إلا ما رحم ربي ،،، أناجي الأمل المعقود في هامتي أمسد...