الجمعة، 21 أغسطس 2020

" حديثُ الظّلِّ للقمرِ " بقلم الكاتبة / سكينة خليل الرفوع / 🇧🇭

 " حديثُ الظّلِّ للقمرِ "


النّورُ السّاقطُ على ثنايا أوراقِها التي همّتْ بطيّها وهي تُفرغ سواتر ذكرياتٍ أقصتها خارج حدود الزّمنِ ، لم يكن إلا انعكاس مرآيا لأحلامٍ  تتشبّثٌ بظلالها ، لتسكنَ في مخدعِ ذاكرةٍ تمتدُ كبحر ٍ، تتبعثرُ أمواجُهُ في عشوائيةٍ مضطربةٍ ، تعلوه لُجّة أرهقها التّرحالُ ، وأضناها الحنينُ ، فتذوب اشتياقاً ، تظلُّ تلهثُ خلفَ السّرابِ ، لا تملّ البحثَ عن مأوى ، لزمنٍ جديدٍ ، لحياةٍ تحاول ترميم نفسها ، تحلمُ أنْ تستقرّ في مرافىءِ الأمانِ .

 في لحظةِ سُكونٍ يرنُّ خاطرٌ يغافلُ الحزنَ ، ليرقصَ يراعها على إيقاعِ موسيقى هادئة تهرب من الضجر  ، تعبثُ بصورٍ تذكاريةٍ تسافرُ  بها في أزمنةٍ بعيدةٍ ،  كأسطورةٍ آشوريّةٍ تعزفُ سُمفونية الرّبيعِ ،  بقيثارةٍ سُومريّةٍ تُجيدُ الغناءَ على أنغامٍ تختلقُ الفرحَ ،  تتركُ آثار ألحانها كوشمٍ  على وجنةِ أيامها .

تعود لطُقوسِ تأملاتها تنتهزُ فيها لحظات الصّفاءِ ، كناسكٍ يعيش في  تجليّاتٍ صُوفيّةٍ ، يتمتمُ بترانيم تجعله يشعر بنشوةٍ رُوحانيّةٍ. 

ولكن تعلو تنهيدةٌ  تقاطعٌ لحظات  سُكونها ، لم تكن سوى همساتٍ صوت يستجدي حياةً نقيةً ، يغويها في البوح ، صوت يسكنُ في خبايا روحها ...

يرددُ:

لا تنطفىءْ

لا تستكينْ 

صوتٌ يستدعي كلمات درويش وهو يرسم  ملحمة الخلود:

لعلَّنا لم نفترق أَبداً - أَتعرفني ؟

 بكى الوَلَدُ الذي ضيَّعتُهُ :

لم نفترق لكننا لن نلتقي أَبداً 

وأَغْلَقَ موجتين صغيرتين على ذراعيه وحلَّق عالياً 

كم من الوقت انقضى منذ اكتشفنا التوأمين: 

الوقتَ والموتَ المُرَادِفَ للحياة ؟

ولم نزل نحيا كأنَّ الموتَ يُخطئنا 

فنحن القادرين على التذكُّر قادرون على التحرُّر

  سائرون على خُطى جلجامشَ الخضراءِ من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ ....


 لم  تكنْ  هذه ثرثرة  يسردُها عاشقٌ تجرّعَ مرارةَ الفقدِ ، يربتُ على يدِ محبوبته؛ ليسلّيها آلام الفراق ، بل كان حديثُ الظّلِّ للقمرِ ذاتَ ليلةٍ استبدّ بها الأرقُ ، وانتهكَ حُرمتها زمهرير الاغترابِ ، تختصرُ حكاية لقلبٍ يُبعثُ من رماد.


سكينة خليل الرفوع 


الأردن - البحرين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مناجاة 🖊 حمزه راضي الفريجي

مناجاة في التيه المترامي ،،، في عينيك السوداوين ،،، الضوء يتباعد !! ينفذحافيا وعاريا !! إلا ما رحم ربي ،،، أناجي الأمل المعقود في هامتي أمسد...