خلي الشوارب على جنب
تعطلت سيارتها بسبب خلل مفاجئ..... وقفت على ناصية الشارع تلوح بيدها لسيارات الأجرة "التاكسي،" .... كان الأمر طارئ ومهم... توقفت إحدى السيارات...
_الي اين طريقك...؟ سألها
أجابته عن وجهتها... اعتذر منها بهدوء ولطف مبينا انها تسير بطريق يعاكس طريقه.... تقبلت الأمر وعاودت الانتظار وقد بدأ التعب يظهر جليا... فالشمس حارقة في تموز( الذي يغلي فيه الماء بالكوز) والمنطقة تفتقد لمظلة تحميها من هذا الجو الحار .... بدأت تراقب المارة والارصفة والشوارع وكأنها تراها لأول مرة...شعرت أن العيون كلها تنظر اليها .. الوقت يمضي ... ظهرت لها من بعيد سيارة أجرة متعددة الركاب... قررت الركوب بها
ركبت في المقعد الفارغ بجانب السائق...(أنيق جدا ورائحة عطره تنم عن ذوق عالي ) تعجبت...! كنت اسمع ان سائقي التاكسي لا يهتمون بمظهرهم... دفعت الأجرة وجلست بسلام... كان صوت الراديو مرتفعا جدا وجميع الركاب التزموا الصمت... ثلاث فتيات جلسن بالخلف بدا انهن طالبات في الجامعة ... كان الراديو يتراقص على أنغام اغنية "خلي الشوارب على جنب" ... انفعل السائق وهاج وماج وظهرت عليه علامات الزهو والفخر بسبب شواربه التي غطت فمه وكأنه لم يهذبها منذ فترة طويلة.... صار يلاعب شواربه من جهة وينظر من المرآة للفتيات من جهة أخرى ... ...فتحت عينيها على اتساعهما... "كنت اعرف أن الشوارب تعني الكثير للرجل الشرقي لقد كان الشارب غال جدا فهو رمز رجولته.." .. كيف تحول هذا الشارب وانحنى هذا المنحنى؟؟ تساءلت بكل دهشة؟ .... ظلت تنظر لشاربه المتراقص على أنغام الأغنية ولعينيه اللعوبتين
مسك شاربه الطويل وأخذ يبرم فيه وينظر بالمرآة لعيون الفتيات الخجولة.... وضحكاتهن المختبئة خلف ايديهن.... انفعل أكثر وأكثر ثم بدأ مشاركة المغني بصوت مزعج ... لا تحلفيني بالشنب.... من قلبي بحلفلك يمين.... اني على حبك أمين .... رن هاتفه...... نظر للهاتف وقال بصوت عالي وكأنه أراد اسماع الفتيات.... بطلة العالم إم نكد "الشعوب العاجزة عن الحب... عاجزة عن الحرب " حدثت نفسها...
...اخفض صوت المذياع ورفع الهاتف إلى أذنيه وبدأ الحديث
_خير يا طير.... احكي خلصيني.... دبري حالك.... يا ولية وراي شغل....وأغلق الخط دون سلام ولا كلام
"نار الغضب الذي يشعله الظلم والقهر والإذلال لا تكفي لغلي ماء...لصنع فنجان قهوة"
"الموتى الحقيقيون هم الذين ندفنهم وهم أحياء" ظلت تصرخ الأحرف
كم استفزني المشهد....
تنهد وزمجر وتنكر وتنمر واصفاً جنس الستات بالغشيمات البليدات.....
وعاود رفع صوت الراديو .... خلي الشوارب على جنب....
#سهيرالرمحي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق