بين وترين
أغلقت الباب وتوجهت نحو رفيقة الطفولة ... كانت تصفها بالمخلصة المنصتة الموافقة لكل ما تقوله.... إن غضبت فهي أيضا غاضبة وإن ضحكت فرحت واستبشرت..... متى ستنكرين فعلي وتواجهينني بحقيقتي...متى تعترفي بضعفي وقلة حيلتي وهوان نفسي عليّ..... كثيرة هي الأسئلة التي كبرت معي... لوحت لي بأن اتمرد أصرخ أن أرفض وبأن تعلو صوت اللا... والأكثر منها تلك اللحظات التي تحسست بها يدي وأرجلي من من ضربة هنا وهناك وتأنيب كان يخض مضجعي... تعرفني النجمات التي ساهرتها وأنكرت فعل أمي معلمتي الأولى ... سألتها كثيرا لماذا تتدخل أمي في لون طوقي وما يزين شعري... ولماذا يشغل بال أمي كل ما يعتريني ويخصني.؟
تخدع نفسك بإقناعها أنك نسيت.... ولكن كل شئ يقبع في ركن مظلم من وعيك.... تبدأ بالتحدث... وهي تستمع...
" حافظ على غرابتك ، لاشيء أسخف من أن تكون مألوفًا ".
لا لا لا.... ما أجمل هذه الكلمة... أرددها مرارا وتكرارا كأني لم ألحظها بين حروف الأبجدية... لماذا لم تعلمني أمي كلمة لا.... أليس من السخف أن أعرف نعم وأستخدمها طيلة يومي وأعاقب على اللا.... هذا الحرف المعلق بين همزتين وسحابة.... وهل ماتت بعض الحروف سريريا... ألن تبعث من رقدتها من تلك الغيبوبة.. ثم كيف لهم أن يغرقوني في دوامة الحروف... بدأت مطاردة ذلك الحرف... كي تكتمل العبارات ولأنام على الجنب الذي يريحني....
قررت التدرب على كلمة لا.. وضعت كل الدمى التي تحيط بي بدأت أصرخ لا لا لا.....
وقررت.... سأخرج للعالم لا أقول إلا اللا...لا للظلم ولا للقهر... لا للسلطة الذكورية ولا لوأد أحلامنا...
طرقات على باب غرفتي.... أصوات تناديني... سأخرج لهم وأنا كلي إصرار بأن اللا هي كل حروفي
سمعت أحدهم يردد
"قليل النوم موجوع الحنايا كثير الآه مخنوق القدم
طويل البال تجذبنا الحكايا سعيد أنني أحكي نعم"........
فتحت الباب وحين سمعت صوت أمي لم أقل إلا نعم
#سهيرالرمحي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق