لَمْ يَبْقَ في جَسَدي مَكانٌ للرَّصاصِ
تَفَجَّرَ الجَسَدُ المُهيَّأُ للخلاصِ
كأَنَّما الشُّهُبُ استَعادَتْ سِحْرَها الماسِيَّ فِيَّ
فأَشعَلتْ لألاءَها الأَزَليَّ في أُفُقٍ تَزَنَّرَ بالكَواكبِ والمَخاضْ
يا أَيُّها الجَسَدُ المؤَجَّجُ بالحَنينِ وَبالأَنينِ كَسَرْتَني
وَكَسَرتَ ما في القَلبِ مِنْ شَغَفٍ بهذا العُمرِ..
وَيحَكَ كَيفَ تترُكني وَحيداً كُلَّما الرّوحُ استَعادَتْ ذاتَها
في ذاتِها الأولى وَسِرَّ حُدودِها
وتَوَشَّحتْ قُطنَ الحَقيقةِ وَالبَياضْ..
لَمْ يَبْقَ فيكَ سِوايَ رَغمَ تَعاقُبِ الأَدوارِ
فاذهَبْ في الثَّرى نُتَفاً كَسُنبلةٍ لِتُحْيي الأَرضَ
دَعْ روحي تُحوِّم في فَضاء اللهِ كَالعُصفورِ يَلْهَثُ كُلَّما
قَرَصَتهُ ناصِيَةُ الرِّياضْ
لَمْ يَبْقَ مِنكَ سِوى صَدايَ، رُؤايَ، رَجْع النّايِ
كَيْفَ تَرَكتَني وَحْدي وآثَرْتَ الرَّذاذَ عَلى سُمُوِّ الغَيْمِ؟
سِحْرُ الغَيْمِ أَنْ يَهْمي إِذا ما مَسَّهُ بَرْقٌ بِخِنْجَرِهِ اسْتَفاضْ
لَمْ يَبْقَ فِيَّ سِوايَ
ظِلُّ أَنايَ أَنتَ، رحَلتَ تَسْتَبِقُ الشَّهادَةَ لَيْتَها تُعْطيكَ
خاتَمَها وَمِسكَ خِتامِها وَتَرَكتَ روحي وَحْدَها في التّيهِ
تَبْحَثُ عَنكَ ما بينَ الثُريّا وَالثَّرى
لا فَرْقَ عِندَ الرّوحِ بَيْنَهُما، فأَيّ مَكانَةٍ أَسمى
وأَيّ مَكانةٍ تَختارُ روحُكَ إِنَّ روحَكَ
لا تُطيقُ الإنخِفاضْ
لَمْ يَبْقَ في جَسَدي مَكانٌ للرَّصاصِ
تَفَجَّرَ الجَسَدُ المُهيَّأُ للخَلاصِ
فَكُنْ جَديراً باحْتِفاءِ البَرْقِ فيكَ
وَباحْتِفاءِ الماءِ في شَبَقِ السَّحابةِ حينَ تفتَحُ فَرجَها للرّيحِ
إِنَّ الماءَ فاتِحةُ المَخاضْ...!!
لم يَبقَ في جَسَدي مكانٌ للرَّصاصِ
كفاكَ يا جَسَدي الشّقِيَّ كفاكَ، إنَّ الروح عائدةٌ لرؤيتها
لتبتَدِئَ القصيدةُ أوَّلَ الكَلِماتِ خاتمة البياضْ
سليمان دغش
(من ديوان " آخر الماء " )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق