الخميس، 13 أغسطس 2020

عشر دقائق .. بقلم الكاتبة / سهيرالرمحي /

 عشر دقائق.....

جلسا يحتسيان القهوة، تبادلا أعقاب النظرات ،وأطراف الأحاديث رميا كثيراً من الأسئلة ونفثا كثيراً من التمنيات ولفاها على عنق أحوال الأولاد وهمومهم ومشكلاتهم ومتطلباتهم...

 صمت الزوج بعد تلك السلسلة الطويلة من التشجنات الرقمية اليائسة التي ازدادت حركاتها مع كل فكرة ارتبطت بواحد من الأولاد ،ثم نظر إلى الساحة المطلة على السوق الساكن الصامت وكأنه يلقى باللوم على البلد والناس والعالم والأحداث وكعادته حوقل واستغفر  ثم لاذ إلى الصمت المطبق...

 صوت فيروز ينبعث من مذياع في طرف الساحة"لا تندهي مافي حدا" قالت له بحب وحزن وقوة وهي تتقطع بعينيه الغارقتين في الإرباك : لا تقلق أيها الحبيب الغالي، سأتدبر الأمر لا عليك . ومضى إلى عمله... فكرت أن  تستغل بعض الوقت كاستراحة من التفكير إلى التفكير  ...كم أتمنى أن احظى بعشر دقائق  فقط . لقد لاحت لي في الأفق فكرة لقصة جديدة... وبدأت تكتب قصتها وتتنفس الحروف لئلا تختنق. تحدثت عن الأمهات اللواتي يتخلين عن حقهن بالحياة بدت علامات الغضب على خطوط خطها وعلت بين ضجيج الحروف على السطر صيحات الرفض والاستنكار والدعوة إلى رفض الوضع " لن أتنازل عن حقي بحياتي الخاصة" لكن صوت ابنتها كان يحمل قلقاً بدا واضحا... 

"دبرتوا لي قسط الجامعة يا ماما، سينتهي هذا الأسبوع وينتهي معه الموعد المحدد للدفع ؟ ثم نظرت إلى أمها بحزن ورجاء وتابعت : وإلا سأضطر لإسقاط الفصل ، انتظرت خروج والدي حتى لا أزعجه... حدثيه انت بطريقتك الخاصة  

_لا تقلقي يا حبيبتي سأتدبر الأمر قبل نهاية المدة المحددة 

ابتسمت البنت وقبلت أمها على جبينها وبدأت مكالمة ساخرة مع صديقتها وغادرت المكان .عادت لأقلامها.." .. كتبت: لن أقبل أن أكون مثلكن فأنا مؤمنة بحقي بالحياة، ولا أريد أن أكون شمعة لأنير درب غيري... 

طرق خفيف الظل على الباب... 

- من؟

- أنا سالم يا خالتي، أرسلني والدي لأخذ إيجار المنزل... يومان ويبدأ الشهر الجديد...

- لا تقلق يا ولدي المبلغ متوافر لحظة لأجلبه لك .... فرصة للتفكير... دقائق معدودة هذا كل ما أحتاجه، ولكني لا أحظى بالوقت....كم أشتاق للكتابة... كآبة أن تشعر أن قلمك مزدحم بالحروف ولكنها لا تجد فرصتها كي ترتسم على الورق... أريد بعض لحظات من السلام الداخلي... قررت تغيير الخطة فلجأت لإرتداء فستان قديم يحمل بين طياته عطر الطفولة  .... قررت التزين وسط استهجان من كان بالمنزل والأسئلة الحائرة التي سكنت ملامحهم... 

" الهاتف يرن ويرن وتعلو صوت نغماته." .. قد يكون هناك أمر طارئ حدث مع الاولاد.. أخشى على سامر شعرت انه كان متعباً وبدا واضحا عليه علامات المرض... .... أو قد تكون مها فهي على وشك الولادة.. أخاف عليها من الألم الذي ستواجهه.... فأصابها الفضول لمعرفة من يتصل بها... "كان الرقم لوالدتها" أمي خط أحمر لا أستطيع ان أتجاوز اتصالها"...  والدتي الغالية" أول من استخدم التخدير في الجروح هي أمي.... "حين قبلتها وانا طفلة صغيرة" سأكلمها ثم  سأخرج للتنزه  فهو يمدني بالفرح والايجابية والحياة   ...

- الوووو أهلا أهلا يما يا حبيبتي ... تريدين زيارتي طبعا يا غالية أنا أنتظرك بكل شوق...

" ثمة قرارات تتخذك لا تتخذها "

وبدأت تسرع لتجهيز المنزل .."لا بأس... لا بد أن اجد بعض الوقت لأكتب قصتي....او لأهتم بنفسي أو لأخرج للتنزه..." 

نبحث عن أنفسنا أحيانا بعيداً عنا بعيداً جدا لنلتقينا" 

طرق حنون على الباب ...

- كيف لها أن تكون قد عرفت ما نحن فيه؟

#سهيرالرمحي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مناجاة 🖊 حمزه راضي الفريجي

مناجاة في التيه المترامي ،،، في عينيك السوداوين ،،، الضوء يتباعد !! ينفذحافيا وعاريا !! إلا ما رحم ربي ،،، أناجي الأمل المعقود في هامتي أمسد...