ألف تحيّة يا بيروت/ سليمان دغش
أَلف تَحِيَّـــــةْ
يا بَيْروت المُغْتَصَبَـــــةْ
يا بَيْروت المُلْتَهِبَـــــةْ
شَمْساً في كَبِدِ الحُريَّـــــةْ
أَلفُ تَحِيَّـــــةْ
يا أَجْمَلَ شَجْرَةِ أَرْزٍ جَبَلِيَّـــــةْ
يا آخِرَ مَأْوىً لِعَصافيرِ الشَّرْقِ المَنْفِيَّـــــةْ
يُؤْلِمُني جِداً أَنْ تَحْتَرقي...
يُؤْلِمُني جِداً أَنْ يَحْتَرِقَ الوَرْدُ عَلى خَدَّيْكِ
وَتَذْوي في شَفَتَيْكِ الأُغْنِيَّـــــةْ
يُؤْلِمُني جِداً أَنْ يَشْتَعِلَ البَحْرُ لدى قَدَمَيْكِ الحافِيَتَيْنِ
وَأَنْ يَنْفَجِرَ الزَّبَدُ النّاعِمُ أَلفَ شَظِيَّـــــةْ
يُؤْلِمُني أَنْ يَسْحَقَكِ المَوْتُ
بِكُلِّ القَسْوَةِ وَالوَحْشِيَّـــــةْ
يُؤْلِمُني يؤلـمُني جداً يا سَيِّدتي.. لكِنْ لا بَأْسَ
فَذلك ثَمَنُ الحُريَّـــــةْ..!!
ها نَحْنُ نُوَقِّع يا بَيْروت مُعاهَدَةً بِالدَّمِ
وَنَمْضي نَحْوَ المَوْتِ سَوِيَّـــــةْ
ها نَحْنُ نُوَقِّعُ يا بَيْروت وَكُلُّ مُعاهَدَةٍ
تُخْتَمُ بِدِماءِ الشُّهَداءِ معاهَدَةٌ أَبَدِيَّـــــةْ..!!
اليَوْمَ حَمَلْتِ صَليبَ العِشْقِ الدّامي..
وَتَقاسَمْتِ مَعَ الفُقَراءِ المَسْحوقينَ
مَعَ الثُوّارِ المَحْرومينَ رَغيفَ الدَّمْعِ..
وَكَأْسَ الأَحْزانِ العَرَبِيَّـــــةْ
اليَوْمَ تَعَمَّدْتِ بِنورِ اللهِ نَبِيَّـــــةْ...
اليومَ أقَمْتِ القُدّاسَ الأكبَرَ بدِماءِ الشُّهداءِ ودَمعَ القدّيسةِ مريَمَ
تمسَحُ آثارَ الدَّمِ عن دَربِ الآلامِ القُدُسِيّـــــةْ
فَكَأَنَّكِ كُنْتِ سَراباً قَبْلَ اليَوْمِ
كَأَنَّكِ كُنْتِ بِدونِ هُوِيَّـــــةْ...
اليَوْمَ تَعَمَّدتِ بِنارِ الثَّوْرَةِ يا بَيْروت فِدائِيَّـــــةْ..
فاحْتَرِقي وَحدَكِ في محرابِ الآبِ
فإنَّ الفَجْرَ يُشَعْشِعُ في عَيْنَيْكِ العَسَلِيَّـــــةْ...!!
سليمان دغش
(من ديوان " لا خروج عن الدائرة" 1982 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق