الجمعة، 18 سبتمبر 2020

* صَهيلُ الصِّيام * / الشاعر إسحاق عثمان /

 * صَهيلُ الصِّيام *


صائِمَةٌ بِلادي عن الكلام 

إيماءةُ* وَحيٍ

وتُشيرُ .. 

إلى من كان في مهدِ الثَّورةِ غُلام

في مَخاضِها ..

قد جعَلَ الرَّحمان سَريَّاً فوقَ الرُكام

إذ تَهُزُّ جَذْعَ نخلٍ ..

يَتَساقَطُ مِن سُمُوِّهِ لِلفِداءِ شَهيدٌ ..

ثائِرٌ هُمام

روحُ الله فيما أنْجَبَت ..

تأبى لِغَيرهِ اِنحِناءاً واستِسلام

هل كانَ كنعانُ بِالإباءِ امرءَ سَوء ؟

أم يَنبَغي لِلأرضِ الطَّهور ..

أن تغدو مَوطِئَ بَغْيٍ لِخَطو حرام !

إنَّ فَلَذَّات أكباد الأحرار ..

على الغاصِبين عَصِيَّة

فَكيفَ عن الذَّودِ تُلام ؟

وكيفَ تُوَجَّهُ مِن عُقْلَةِ إِصبَعٍ ..

بِالذَّنْبِ أصابع اتهام ؟!

لِكَفٍّ في راحِها ..

تقبِضُ على قَسْوةِ حَجَرٍ بين سَبّابَةٍ وإبهام

تُرَوِضهُ وَهجَ نورٍ ..

يَشُعُّ في وَجهِ دامِس ظَلام

كيفَ؟ لِ عِقالٍ مَزْهوٍ على سَنام

مِرفالٌ مُتَرَفِّلٌ* يَجُرُّ أذْيالَهُ ..

نَجمٌ سُداسِّيٌ خاتِمَهُ على الصَّولَجان* ..

أن تقوى عَينَهُ الناعِسَة بينَ غَفْوٍ ومَنام

على مُواجَهةِ ..

مِخرَزِ سَيدَة الأرضِ وأُم مدائِن اليَمام

كيفَ؟ الطَّعنُ في الظَّهرِ وفي القلبِ ..

يُبَرهِنُ الأمنَ والسَّلام ؟!


يا حانَة الذُلّ .. كفى

قد طَفَحَ الكَيلُ مِن أكوابِ* السُّمِ

تُسْقى لِنَيلِ مُبْتَغٍ ومَرام

نَتَجَرَّعهُ في كُؤوسٍ تُدَقُّ ..

بينَ دهاقِنَة سِياسة* ورِجسِ ناخِسٍ*

في مُطارَحةِ غَرام

إذ تُرفَعُ في صِحَّةِ بَغيٍ ..

على المُسْتَضْعَفين مِن مُدام*

وعلى شَرَفِ ..

فَضّ بِكارة بِلاد الرَّافِدين والجَزيرة

وما تَطالُ خُفّ النوق* والرَّكب ..

وصدى النّاي 

وحُلم كُلّ فتاة وصَبِيٍ ..

رَفَعوا شارَةَ نَصرٍ

ودَوزَنوا القَلْبَ بِتَبْديدِ أوهام

والبدايةُ كانت ..

عروسُ العُروبة في بِلادِ الشام

والرَّايةُ مُخَضَّبَةٌ ..

بِدماءِ الضّحايا والثكالى والأيتام !!

مَنسوجَةٌ مِن خُيوطِ الأكفان

تعتَلي هَودَجَاً تَوارى ..

خلفَ سَتائِرَ عَباءاتٍ مِن الحَرير

مُقَصَّبَةٌ ،،

نَسيجها مَحبوکٌ مِن الذُلِّ ..

يَخلو مِن الكرامةِ والأيمان

مُنذُ قُرونٍ تُخفيهِ بِإحكام

تَذودُ عَنهُ ،، وكيفَ لا  ؟!

وساكِنَهُ السَّيد والمَدام*

والوَصيفات* تُعِدُّ لَهُمُ المَكرَ في زادِ الطّعام

بينما الرَّعية ..

بينَ فَخِذٍ وشِفاه ثَغْرٍ .. تَغُطُّ في أحلام !!

فما أحكَمَت أزرارهُ وثِاقها في عُرى الأرضِ

مَن اِعتادَ لَفحَ الهَجير والرَّحيلَ بينَ الكُثبان

وروحهُ مُعَلَّقة ، هائِمة ، مُستَسلِمة ..

تَطوفُ بينَ الأصنام والأزلام*


فَيا صَهيلُ تَعالى ،،

لِصَونِ ما تَبَقّى مِن نَسْلِ الكِرام  

فقد آن الأوان ..

أن يُلْجَِمَ العُهرَ في زِمام

وتَصدَحُ الأكوان

وتغدو طَليقَاً مِن وسَطِ هذا الزُحام


                                                


                                                # إسحاق عثمان


.......................................................


* إيماءة : حركة ، إشارة

* مِرفالُ/ مُتَرَفِّل : الكثير التبختر

* الصَّولحان : عصا يحملها الملك ترمز لسلطانه

* أكواب : أوعية أكبر من الكؤوس لها مقابض

* دهاقِنة سياسة : كبار السَّاسة

* ناخِس : طاعِن

* مُدام : خمر

* النوق : البعير ، الإبل

* المَدام : كناية عن السيدة او المرأة المتزوجة

* الوصيفات : مساعدات الملكة او الأميرة وخادماتها

* الأزلام : رماح صغيرة كان العرب في الجاهلية يكتبون عليها افغل ، لا أفعل ، ويضعونها في كيس ، فإذا أراد حاجه ادخل يده واخرج ما تطاله ، فاذا كان غليها افعل ذهب لحاحته او العكس


*************************************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مناجاة 🖊 حمزه راضي الفريجي

مناجاة في التيه المترامي ،،، في عينيك السوداوين ،،، الضوء يتباعد !! ينفذحافيا وعاريا !! إلا ما رحم ربي ،،، أناجي الأمل المعقود في هامتي أمسد...